تاريخ العراق هو تاريخ طويل ومعقد، يمتد لآلاف السنين ويشمل العديد من الحضارات الكبرى التي أثرت في العالم القديم. العراق، الذي يعرف أيضًا بأرض الرافدين، يقع في قلب منطقة الشرق الأوسط ويُعتبر مهدًا لعدة حضارات قديمة، مثل حضارة السومريين والأكديين والبابلية والآشورية. في هذه المقالة، سنغطي أبرز محطات تاريخ العراق، بدءًا من العصور القديمة وصولًا إلى العصر الحديث.
تعتبر حضارة السومريين من أقدم الحضارات البشرية، حيث نشأت في جنوب العراق، في منطقة دجلة والفرات، والتي يُطلق عليها اليوم "جنوب العراق" أو "جنوب الرافدين". ابتكر السومريون الكتابة المسمارية، وهي أقدم شكل من أشكال الكتابة في العالم. كما أسسوا مدنًا متطورة مثل أور وأوروك، وكانت لهم إنجازات كبيرة في مجالات الفلك والرياضيات والهندسة.
تعتبر الدولة الأكادية أول إمبراطورية حقيقية في تاريخ العالم. قادها سرجون الأكدي، الذي نجح في توحيد مناطق الرافدين تحت سلطته. وكانت الإمبراطورية الأكادية تمثل القوة العسكرية والسياسية في ذلك الوقت. لكن بعد وفاة سرجون، بدأت الإمبراطورية تتفكك بسبب الغزوات والمشاكل الداخلية.
تعتبر بابل واحدة من أشهر المدن في تاريخ العراق. في عهد الملك حمورابي، الذي حكم بين عامي 1792 و1750 ق.م، تم إصدار "قانون حمورابي"، الذي يعد واحدًا من أقدم القوانين المكتوبة في العالم. ساهم البابليون في تطوير الفلك والرياضيات والعمارة، وكانت بابل مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا.
تعتبر الإمبراطورية الآشورية واحدة من أقوى الإمبراطوريات في تاريخ العراق. معابدهم وقصورهم كانت مذهلة، وكانوا يستخدمون الجيش بشكل متقدم لحماية حدود إمبراطوريتهم. ولكن مع مرور الوقت، بسبب الاضطرابات الداخلية والتهديدات الخارجية، انهارت الإمبراطورية الآشورية.
في عام 331 ق.م، غزا الإسكندر الأكبر العراق بعد هزيمة جيش الإمبراطورية الفارسية في معركة جافاملا. بعد وفاة الإسكندر، حكمت المنطقة من قبل خلفائه الهللينستيين، وخاصة الأسرة السليوقية. في القرن الأول الميلادي، أصبحت العراق جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، ومن ثم الإمبراطورية الفارسية الساسانية.
في القرن السابع الميلادي، دخل الإسلام إلى العراق بعد الفتوحات الإسلامية. في البداية، كان العراق جزءًا من الخلافة الأموية، ولكن في عام 750م، تأسست الخلافة العباسية، وعاصمتها بغداد التي أصبحت واحدة من أعظم المدن في العالم الإسلامي. بغداد كانت مركزًا للعلماء والفلاسفة، وكانت تضم مكتبة بيت الحكمة، التي لعبت دورًا مهمًا في تطور العلوم والفلسفة.
في عام 1258م، غزا المغول بقيادة هولاكو خان بغداد، وقاموا بتدمير المدينة وقتل العديد من سكانها. كانت هذه الغزو نقطة تحول كبيرة في تاريخ العراق، حيث تأثرت المنطقة بشكل كبير بالاحتلال المغولي.
منذ القرن السادس عشر، أصبح العراق جزءًا من الإمبراطورية العثمانية. استمر الحكم العثماني حتى بداية القرن العشرين، حيث تأثرت المنطقة بالصراعات السياسية والاقتصادية. في هذه الفترة، كانت العراق تحت سيطرة العثمانيين بشكل غير مباشر، حيث كانت هناك حالة من الاستقلال النسبي في بعض المناطق.
بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، أصبح العراق تحت الاحتلال البريطاني بموجب انتداب من عصبة الأمم. في عام 1921، تم تأسيس المملكة العراقية تحت حكم الملك فيصل الأول، وهو أول ملك للعراق بعد الاستقلال النسبي.
في عام 1958، تم الإطاحة بالنظام الملكي في العراق من خلال انقلاب عسكري قاده عبد الكريم قاسم، وأُعلنت الجمهورية. شهد العراق في هذه الفترة العديد من التقلبات السياسية، بما في ذلك الحروب والصراعات الداخلية.
في عام 1979، تولى صدام حسين رئاسة العراق بعد انقلاب داخلي. كانت فترة حكمه مليئة بالصراعات والحروب، من بينها الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وحرب الخليج الثانية (1990-1991) إثر غزو العراق للكويت. أدى هذا الغزو إلى تدخل دولي قادته الولايات المتحدة، مما أسفر عن تحرير الكويت وفرض عقوبات اقتصادية قاسية على العراق.
في عام 2003، شنت الولايات المتحدة هجومًا على العراق في إطار الحرب على الإرهاب، وأطاحت بنظام صدام حسين. أدى الغزو إلى صراعات داخلية، بما في ذلك تمردات من قبل جماعات مسلحة وتنظيمات مثل تنظيم داعش، الذي سيطر على أجزاء من العراق في السنوات التالية.
بعد سنوات من الصراعات والحروب، يسعى العراق إلى إعادة بناء بنيته التحتية واستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي. في السنوات الأخيرة، بدأ العراق في تحقيق بعض التقدم في مجالات مثل الاقتصاد والتنمية، لكن التحديات ما تزال قائمة.