التمييز في اللغة العربية: وظيفة نحوية ودلالة بلاغية
يُعد التمييز من أهم الوظائف النحوية في اللغة العربية، حيث يؤدي دورًا جوهريًا في إزالة الإبهام وتوضيح المقصود في الجملة. يجيء التمييز بعد أسماء مبهمة أو أفعال تفيد المقادير، أو يُستخدم لبيان الذات أو النوع، كأن نقول: "اشتريتُ كيلو عسل" أو "ازداد الطالبُ ذكاءً". في المثال الأول، يوضّح التمييز "عسل" نوع المقدار، أما في المثال الثاني، فيوضّح تمييز الذات صفة لازمة جاءت بعد فعل.
ولا يقتصر دور التمييز على الوظيفة النحوية فحسب، بل يتعداها إلى مستوى بلاغي، إذ يمنح الكلام دقة ووضوحًا، ويساهم في بناء المعنى الكامل للجملة. وفي النصوص القرآنية على وجه الخصوص، يُستخدم التمييز بدقة لغوية فائقة، كما في قوله تعالى: "وفجرنا الأرض عيونًا"، حيث جاءت كلمة "عيونًا" لتمييز الكيفية التي فُجرت بها الأرض، في مشهدٍ بلاغيٍّ عظيم.
إن فهم التمييز بأنواعه – سواء تمييز ذات أو تمييز نسبة – يُعدّ ضرورة لكل طالب علم يسعى لإتقان اللغة وفهم أسرارها. كما أن إدراك السياقات التي يأتي فيها التمييز يساعد على التفسير الدقيق للنصوص، سواء كانت أدبية أو دينية، ويُظهر مدى غنى اللغة العربية ومرونتها التعبيرية.