عيد الأضحى، ثاني أعياد المسلمين الكبرى، يُحتفل به في مختلف أنحاء العالم، لكن مظاهر الاحتفال تختلف باختلاف الثقافات والبيئات الاجتماعية. وبينما ترتبط صورة العيد غالبًا بالدول الإسلامية، فإن الكثير من الدول غير المسلمة ذات الأقليات المسلمة تعرف مظاهر احتفال فريدة وغريبة أحيانًا بعيد الأضحى. نستعرض هنا ثلاث دول: إندونيسيا (ذات الأغلبية المسلمة لكنها علمانية رسميًا)، نيجيريا، وألبانيا، ونغوص في عاداتها اللافتة في عيد الأضحى.
🇮🇩 أولًا: إندونيسيا – عندما يُكتب اسم الأضحية على البقرة!
رغم أن إندونيسيا هي أكبر دولة مسلمة من حيث السكان، إلا أنها لا تعتمد الإسلام كدين رسمي، مما يجعل مظاهر العيد فيها متأثرة بالتعدد الديني والثقافي الغني.
🐄 عادات فريدة:
-
كتابة أسماء المتبرعين على الأبقار:
تُكتب أسماء المتبرعين (بالطباشير أو الطلاء الأبيض) على أجساد الأبقار أو الأغنام، كتقليد تكريمي وشبه احتفالي. -
مواكب الأضاحي:
قبل الذبح، تُزف الأضاحي في موكب محلي يرافقه الأطفال وهم يرددون الأناشيد، أحيانًا يلبسون الأضاحي أكاليلًا من الزهور. -
ذبح جماعي في المساجد والمدارس:
لا يذبح الناس أضحيتهم في البيوت، بل يتجمع الجميع بعد الصلاة في أماكن مخصصة لذبح جماعي، بمشاركة متطوعين يرتدون قمصانًا موحدة. -
بث حي للذبح عبر الإنترنت:
مع تطور التكنولوجيا، باتت الجمعيات الخيرية تبث عملية الذبح وتوزيع اللحوم عبر منصات التواصل، ليشاهدها المتبرعون من الخارج.
🇳🇬 ثانيًا: نيجيريا – عيد الأضحى بين الطبول والأزياء الملكية
نيجيريا دولة متعددة الأديان واللغات، مع وجود نسبة كبيرة من المسلمين، خصوصًا في الشمال. لكن المزيج الثقافي جعل من العيد مهرجانًا فولكلوريًا أكثر من كونه مناسبة دينية فقط.
🥁 عادات غريبة ومميزة:
-
مهرجانات الطبول والرقص بعد الصلاة:
في بعض المناطق مثل "كانو" و"سوكوتو"، يتجمع الناس بعد الصلاة مباشرة في الساحات للرقص والضرب على الطبول بأزياء تقليدية فاخرة. -
الخروج بلباس ملكي:
الرجال يرتدون "الآغبادا" المطرز، وهو زي ملكي تقليدي، مع عمامة ضخمة، بينما ترتدي النساء فساتين بألوان زاهية. -
المبارزة بالعصي احتفالًا بالعيد:
في بعض المناطق الشمالية، تُنظم "مبارزات بالعصي" كرياضة تراثية ضمن فعاليات العيد، وتُعد رمزًا للفخر والرجولة. -
موكب أمير المنطقة:
في بعض المدن، يقود الأمير أو الحاكم موكبًا مهيبًا يركب فيه الحصان، يرافقه الحرس والموسيقيون المحليون، ويقوم بإلقاء خطبة تهنئة.
🇦🇱 ثالثًا: ألبانيا – أضحى بنكهة أوروبية
رغم أن المسلمين يشكلون أكبر مجموعة دينية في ألبانيا، إلا أن النظام العلماني والحقبة الشيوعية السابقة أثرت على الممارسات الدينية، مما جعل بعض عادات العيد تأخذ طابعًا أوروبيًا مميزًا.
🕊️ عادات غريبة ومثيرة للاهتمام:
-
قهوة العيد بدلًا من التمر:
بعد صلاة العيد، يجتمع الألبان المسلمون على فناجين القهوة التركية الثقيلة بدلًا من التمر أو الحلوى. -
لا أضاحي في المدن الكبيرة:
بسبب قوانين البيئة والنظافة، لا يُمارس ذبح الأضاحي في العلن أو في البيوت في معظم المدن، بل يتم التبرع بالمال لمؤسسات إسلامية تقوم بالذبح خارج البلاد أحيانًا! -
عيد الأضحى مشترك مع غير المسلمين:
بحكم العلاقات الاجتماعية القوية، يزور المسيحيون جيرانهم المسلمين لتهنئتهم، ويتشاركون في الحلوى والعشاء، مما يمنح العيد طابعًا إنسانيًا جامعًا. -
إحياء الذكرى العائلية بدل الأضحية:
كثير من العائلات تفضل زيارة قبور الأقارب والدعاء لهم في صباح العيد، بدلًا من الذبح، معتبرين أن التضحية تُعاش بالمعنى الروحي لا الحرفي.
تُظهر هذه الأمثلة أن عيد الأضحى ليس مجرد شعيرة دينية موحدة، بل هو احتفال عالمي متجذر في البيئة، والثقافة، والتقاليد المحلية. من مواكب الأبقار في إندونيسيا، إلى الطبول في نيجيريا، مرورًا بالقهوة والبساطة في ألبانيا، يتجلى تنوع الأمة الإسلامية وتعدد طرق تعبيرها عن الفرحة والطاعة.
ربما تختلف الوسائل، لكن الرسالة تبقى واحدة: عيد الأضحى هو وقت للتقرب من الله، ومشاركة الخير، وإحياء قيم التضحية والرحمة.